بسم الله الرحمن الرحيم
استدراك عليّ وتكميلٌ: مسألة " الآن"
لابن وردان رحمه الله:
واختلف عن ابن وردان في ( آلان ) في باقي القرآن:
فروى النهرواني من جميع طرقه وابن هارون ( من
غير طريق هبة الله ) وغيرهما النقل فيه، وهو رواية الأهوازي والرهاوي
وغيرهما عنه، ورواه هبة الله وابن مهران والوراق وابن العلاف عن أصحابهم
عنه بالتحقيق " اهـ ( ط الضباع: 1/
).وكذا ذكر الشيخ في كتابه" تقريب النشر" .
الإشكال في هذا النص هو
عبارة ( من غير طريق هبة الله )! فظاهرها أن ابن هارون من غير طريق هبة الله له
النقل! وهذا ليس كذلك، فهي في السياق غير صواب؛ لأن ابن الجزري رحمه الله ذكر أن
ابن هارون هو من طريق الفضل ابن شاذان عن ابن وردان، وليس من طريق هبة الله عن ابن
وردان!
وكنت قبل عشرين سنة وأزيد، وفي بداية علاقتي مع كتاب النشر، مررت على
هذا النص مرور الكرام، فاكتفيت بتوثيق المعلومة من الكتب التي ذكرت النقل والتحقيق
لابن وردان فقط، دون التعرض لمسألة سياق العبارة هذه.
والآن اتضح لي أن في المسألة
توضيحاً وتحقيقاً لا بد منه، وهو قولي، بعد الاعتماد على حول الله وقوته:
ابن هارون لا علاقة له بهبة
الله، كما صرح ابن الجزري في قسم الأسانيد، وهذا يجعل العبارة هنا ليست في محلها
الصواب قطعاً، مما جعلني أوجّهها على :
1- أن محلها هو قبل عبارة"
فروى النهرواني.." فيكون السياق: واختلف عن ابن وردان في ( آلان ) في باقي القرآن من
غير طريق هبة الله، فروى النهرواني....الخ.
وهذا الاحتمال يقويه عندي أن ابن الجزري رحمه
الله، جعل التحقيق من طريق هبة الله كله، ولم يستثن منه أحداً، وهذا يعني : أن
التحقيق هو من طريقي الحنبلي والحمامي عن هبة الله.( هذا هو منطوق ابن الجزري في
هذا السياق ) كما سيأتي.
2- أن يكون السياق: وابن هارون وغيرهما النقل فيه، وهو رواية الأهوازي
والرهاوي وغيرهما عنه.
ويكون المراد ب ( غيرهما ) الأولى ) هو
الخبازي؛ لأنه هو والنهرواني فقط اللذان قرءا بالنقل لابن وردان من طريق ابن شبيب.
وقلت إنه الخبازي مع عدم وقوفي عليه في الكامل؛ اعتماداً على ما ذكره الإمام
الروذباري رحمه الله عن الخبازي أنه قرأ بالنقل، وطريقه هو نفس طريق الهذلي وابن
الجزري، والله أعلم.
ويكون المراد ب ( غيرهما ) الثانية هو الشنبوذي
– وهو عن ابن هارون أيضاً - ؛ إذا كان ابن الجزري استقى هذا النص من أبي العز. والله
أعلم.
ملحوظتان مهمتان:
الأولى:
يظهر – والله أعلم- أن ابن الجزري اعتمد في هذه الجزئية على كتاب الإرشاد
والكفاية الكبرى لأبي العز، بدليل متابعته في ذكر الأهوازي والرهاوي، فهما من طرق الكتابين
المذكورين وليسا من طرق النشر، والله أعلم.
الثانية: ذِكر ابن الجزري رحمه الله ل ( هبة
الله ) دون تفصيل بين طريقيه، يفهم منه أن الحنبلي والحمامي عنده يقرآن بالتحقيق:
وهذا في خصوص الحنبليّ عن هبة الله، صحيح،
موافق " نصّاً " للكتب التي صرّح ابن الجزري أنه أخذ منها طريق الحنبلي،
وهي الإرشاد والكفاية الكبرى، كلاهما لأبي العز، والمفتاح والموضح لابن خيرون،
والمصباح لأبي الكرم، ففيها التحقيق للحنبلي.
وأما
في خصوص الحمّامي، فابن الجزري رحمه الله ذكر أنّ هذا الطريق هو من الروضة
للمالكي، والجامع للفارسي، وطريق أبي معشر، وطريق أبي الكرم:
ولا يوجد في الكتابين المذكورين طريق الحمامي
عن هبة الله عن ابن وردان؛ وكذلك لا يوجدان في المصباح، مما يعني أنهما طريقان
" أدائيان " لابن الجزري رحمه الله .
والخلاصة في هذا السياق، الذي أخذ مني وقتاً
ليس قصيراً:
1-
ابن هارون ليس ممن يروي عن هبة الله ،
وإنما يروي عن الفضل بن شاذان.
2-
هبة الله من طريقيه " الحنبلي
والحمامي" يقرآن بالتحقيق؛ فالحنبلي بالنص، والحمامي بطريق الأداء، خلافاً
لما ذكرتُه في الدرس أن الحمامي له النقل، اعتماداً على ظاهر كلام أبي العز رحمه
الله حيث قال: " قرأ أبو جعفر إلا الحنبلي بالتخفيف" اهـ ظنّاً وسهواً
مني أن " الحمامي من الطرق عند أبي العز، وهو ليس عنده، فليصحح ذاك بهذا،
والله أعلم.
3-
الحمامي عن هبة الله لم أجده في أي
كتاب من كتب القراءات العشر التي بين يديّ، مما يدل على أن ابن الجزري وصلت إليه
بالأداء والمشافهة، لا بالتنصيص عليها في الكتب، والعلم عند الله تعالى.


