الاختيار في القراءات باب أغلق بختم الرواية، وضابط ختم الرواية، هو وفاة الإمام ابن الجزري رحمه الله، فبه ختم الله رواية القراءات العشر.
هذا الكلام استوقف بعض الإخوة الكرام؛ فمن منكرٍ له، ومن مستفهمٍ عنه، وتوضيح ذلك كله أقول:
ضابط الاختيار، عند أصحاب الاختيار في القراءة هو أن يكون صاحبه قد قرأ على شيوخ عدة ، كل شيخ من أولئك له طرق غير طريق الآخر؛ فيأتي هذا الشخص ويختار من هذه " الروايات" التي قرأها " اختياراً " . هذا باختصار، والكلام فيه يطول.
ولهذا:
كل من جاء بعد ابن الجزري فليس له طريق يؤديه إلى القراء العشرة غير طريق ابن الجزري، أو الشاطبي أو أبي معشر الطبري أو الداني؛ وهذا معناه أنه ليس عنده شيء " يختاره" بل هو ملزم بقراءة هذا الطريق إذ لا طريق غيره.
مثلاً: لو أن كل شخصاً واحداً في هذا الزمن قرأ على شيخ واحد من طريق الشاطبية أو الطيبة، وهناك شخص آخر زميله قرأ على ( 1000) شيخ بنفس الطريق: فهما طريق واحد ولو بلغ مليون شيخ ، فكيف يصح الاختيار !
فإن قيل:
فلان قرأ من طريق الطيبة العشر الكبرى؛ فهل له أن يختار
فأقول: إن كان قصده أن يختار رواية أو قراءة يلتزم بها فهذا لا شك في جوازه، مع علمي بأنه ليس هو مراده.
وإن كان مراده أن يخرج لنا رواية أو قراءة جامعة من كل قراءة أو رواية حكماً؛ فيلفق بين القراءات؛ فهذا عندي لعبٌ وتلاعبٌ بهذا العلم الذي صانته الأمة عن العبث والتلاعب والتشويش على الأمة . والله أعلم.


