مدونة بحور القراءات

مدونة تعنى بالقراءات القرآنية وفنونها

آخر المواضيع

الجمعة، 21 يونيو 2019

من آفة الاستعجال في تخطئة الشيوخ :

قال ابن الجزري رحمه الله:
" وقد ورد عن خلف عن سُليم أنه قال: أطول المد عند حمزة المفتوح نحو " تلقاء أصحاب" و " جاء أحدهم " و " يا أيها" ، قال: والمدّ الذي دون ذلك " خائفين" و " الملائكة " و " يا بني إسرائيل" قال: وأقصر المدّ " أولئك " " اهـ
علّق الدكتور أيمن سويد على كلمة ( أولئك )بقوله: 
" كذا جاء المثال في نسخ النشر الخطية، بل وفي نسخ السبعة لابن مجاهد والمبسوط لابن مهران والمنتهى للخزاعي وجامع البيان للداني والإشارة لأبي نصر والكامل للهذلي والروضة للمعدل وسوق العروس المعروف بجامع أبي معشر والمستنير لابن سوار والمبهج لسبط الخياط والمصباح للشهرزوري وغاية الاختصار لأبي العلاء:
قال – الدكتور أيمن - : وصوابه كما في الإقناع ( 1/461-462) لابن الباذش هو:" أولياءُ أولئك" والمقصود به الهمزة المضمومة من " أولياء " فأتي لبيانها بكلمة " أولئك" لأن مراد حمزة – والله أعلم- أن أطول المد ما كان قبل همزة مفتوحة، ودونه ما كان قبل همزة مكسورة، ودونه ما كان قبل همزة مضمومة، ويؤيد ذلك ويؤكده ما ذكره الداني في جامع البيان( 2/454 الطحان) عن أبي هشام الرفاعي، حيث ساق الخبر وزاد فيه بعد " أولئك" مثالاً آخر للهمزة المضمومة هو ( فاؤوا) :
قال الدكتور أيمن : 
ولكنّ سقوط كلمة ( أولياء) وبقاء كلمة ( أولئك ) جعل النص مشكلاً على كثير من ساداتنا القراء المصنفين، حتى علّق عليه الجزري بقوله:" إذ النظر يرده، والقياس يأباه" وبقوله:" ولا فرق بين " أولئك" و " خائفين" فإنّ الهمزة فيهما بعد الألف مكسورة". والظاهر أنه سقط قديم؛ إذ قد ورد كما تقدم في السبعة لابن مجاهد، ولعلّ من أتى بعده نقل منه، والله أعلم." اهـ بنصه( تحقيقه: 2/1013 حاشية8).
قلت :
أولاً: الدكتور أحال كلمة " أولئك" على الآية رقم (32) سورة الأحقاف، وهذا فهمٌ منه لا يلزم غيره.
ثانياً:لم أفهم أن يكون المقصود كلمة ( أولياء ) فلا يذكرونها ، بل يذكرون بدلاً عنها كلمة " أولئك" !!
وعلى فرضٍ – جدلاً – لو كان حمزة يقصد كلمة ( أولياء) فلماذا لم يذكرها، خاصة أنها موجودة في القرآن الكريم وبدون كلمة ( أولئك) بعدها؛ أعني قوله تعالى :" ...والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض" ( الأنفال: 72)!
ملحوظة: ذكر الكرماني في شرحه على غاية ابن مهران كلمة ( أولياءُ ) ولم يذكر كلمة ( أولئك ) التي نص عليها كل من نقل النص المذكور، فلعله تركه اختصاراً اعتماداً على ذكر ابن مهران له في المبسوط وغيره، والله أعلم.
ثالثاً: العجب أن الدكتور ينقل عن هذه الكتب الأمهات المختلفة العصور، إجماعَها على كلمة " أولئك" بدون كلمة " أولياء" ثم يحكم على صنيعهم بأنه " غير صواب"! لوجود الصواب – حسب زعمه وفهمه- في مصدر واحد؛ وهو كتاب " الإقناع " لابن الباذش "!
وأقول: وجود كلمة " أولياء" مع كلمة ( أولئك ) هي من صنيع ابن الباذش نفسه؛ وليست في النص المنقول عن حمزة؛ بدليل عدم وجودها في كل المصادر الأخرى، وبدليل آخر مهمّ وهو أن النص عند ابن الباذش مرويٌّ من طريق أبي معشر ، وبالرجوع إلى " سوق العروس" لم يذكر فيه كلمة " أولياء"، قال أبو معشر رحمه الله: " .... وأقصر المدّ " أولئك" اهـ (ل 133/أ).
فالقول بأن في العبارة " سقطاً قديماً " جعل النص مشكلاً على كثير من ساداتنا القراء المصنفين؛ هو " ادّعاء " و " تفقّه " في المسألة مبنيّ على " فهمٍ " أن الإمام حمزة رحمه الله ، كان يقصد أن مراتب المدّ مختلفة بسبب الحركات الثلاث؛ وهذا وإن كان قال به بعض الأئمة، لكنه ليس هو المقصود في هذا النص المرويّ عن حمزة رحمه الله، والدليل على هذا:
1- هؤلاء الأئمة رووا النص عن خلف من عدة طرق، وليس من طريق ابن مجاهد فقط؛ ولا يُعقل أن يكون نصٌّ منقولاً من طرق مختلفة، ويسقط منها كلمة هي من صميم المسألة؛ إلا إذا كانت هذه الكلمة ليست في الأصل؛ فعدم وجود كلمة ( أولياء ) في الكتب الأصول من زمن ابن مجاهد ومن جاء بعده من الأئمة الذين رووا النص من غير طريقه، دليل واضح وجليّ على أن حمزة لم يذكرها ، وعدم ذكرها دليل على انه لا يقصدها ألبتة. 
2- النص المنقول عن حمزة نفسه ليس فيه التصريح بأن المراتب تختلف باختلاف الحركات الثلاثة، بل هذا كلام ابن مجاهد رحمه الله ، فهو الذي قال:" كان حمزة يميّز بين الهمزتين المتفقتين من المفتوحتين والمرفوعتين والمخفوضتين" اهـ ثم نقل الكلام المسند عن حمزة فقال: " قال خلف عن سُليم : أطول المد عنه...." ثم قال خلف: " والمد الذي دون ذلك خائفين .. وأقصر المد أولئك" اهـ 
ومراد خلف رحمه الله؛ هو أن مدّ " أولئك " أقصر من مد " خائفين "، ويوضح هذا نصّ كلام أبي العلاء رحمه الله :
" إلا أن خلفاً روى عن سليم عن حمزة التمييز بين المدات، فجعلها على ثلاثة أقسام: فذكر أن أطول المد ما كان بالفتح نحو ( جاء أمرنا) وأوسطه نحو ( خائفين – و الملائكة) وأقصره ( أولئك) " اهـ ( غاية الاختصار: 1/262).
فالثلاثة أقسام هي:
- نحو جاء أمرنا.
- خائفين .
- أولئك .
فالمروي عن حمزة هو كلمة " أولئك" بذاتها؛ وهذا – مع وجوده في كل الكتب- إلا أن الإمام ابن سفيان رحمه الله صرّح به فقال: 
" وقد ذكر عن حمزة في ( أولئك ) و ( خائفين ) شيءٌ، ونحن لا نأخذ به" اهـ ( الهادي: 114 تحقيق د. خالد حسن أبو الجود). 
وقال الإمام ابن سوار رحمه الله: 
" ....وأقصر المد مثل( أولئك ) و ( أولائكم ) " اهـ ( المستنير: 1/509). 
فهذان نصان من كبار أئمة الرواية فيهما التصريح بأن مقصود حمزة هو كلمة ( أولئك ) لا كلمة ( أولياء) ثم عبّر بدلاً عنها بكلمة " أولئك " ، وهذا تفسير غير مفهوم، والله أعلم.
أما قول الدكتور:
" ويؤيد ذلك ويؤكده ما ذكره الداني في جامع البيان( 2/454 الطحان) عن أبي هشام الرفاعي، حيث ساق الخبر وزاد فيه بعد " أولئك" مثالاً آخر للهمزة المضمومة هو ( فاؤوا) " اهـ
فهو دليل غير مطابق لمسألتنا هذه؛ لأن الذي روى " فاؤا" عن حمزة هو أبو هشام عن سُليم، وليس خلفاً عن سليم، ومسألتنا هي في رواية خلف لا رواية أبي هشام وما زاده على خلف.
وأيضاً :
ذكر ابن مهران في إسناد حمزة أن العجلي قال:" كان حمزة يمد ( فباؤا ) أكثر مما يمد ( فإن فاؤوا ) " اهـ النهاية في شرح الغاية للكرماني: 272 رسالة دكتوراه بتحقيق الدكتورحسين خلف صالح حلو .
هذا باختصار ما رأيت كتابته تعليقاً على هذا التعليق، وخلاصته:
1- المقصود هو كلمة ( أولئك ) بذاتها .
2- لو كان حمزة يقصد كلمة ( أولياء ) لذكرها، خاصة وأنها موجود م مضمومة مع عدم كلمة " أولئك ".
3- نقلت نصوصاً من العلماء تبيّن أن لا سقط في العبارة أصلاً ؛ حتى يكون هناك تشويش في فهمهم لها!
والله أعلم.
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المتابعون

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Powered By Blogger

Translate

التصنيفات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *