عزو ابن الجزري صحيح
عزو ابن الجزري صحيح
#مقال:
المسألة:عزو ابن الجزري لابن الفحام صحيح واضح:
قال ابن الجزري رحمه الله تعالى :
".. وإنما رواه أبو القاسم ابن الفحام عن مدين عن أصحابه....عن أبي عمرو " اهـ ( 2/893).
قلت: كلام ابن الجزري رحمه الله في إدغام ( فلا يحزنك كفره ).
علّق الدكتور أيمن سويد حفظه الله بقوله :
" طريق مدين بن شعيب الملقب بمردويه موجودة في التجريد لابن الفحام، ولكني لم أجد فيه ما عزاه الجزري له، ومظنته في الصفحات 215،216،223،584، وإنما وجدته في المستنير لابن سوار( 1/333) حيث قال:" وأظهر ( يحزنك كفرك ) إلا في رواية مدين، وأبي زيد من طريق الزهري فإنه أدغمه " اهـ .( بنصه:2/896 حاشية:1 ) .
قلت :
هذه المسألة، وإن كان الدكتور حفظه الله، لم يخطّئ فيها ابن الجزري رحمه الله، إلا أني أحببتُ التعليق عليها لبيان " منهجية " مهمة عند ابن الجزري في تعامله مع كتاب التجريد لابن الفحام، لم ينتبه إليها الدكتور أيمن في مثيلاتها، والدليل على أنه لم ينتبه لهذه المنهجية هي قوله: " لم أجد فيه – التجريد – ما عزاه الجزري له"!
وأقول:
ما عزاه ابن الجزري لابن الفحام موجود في التجريد، لكن يحتاج إلى انتباه شديد، وقبل أن أذكر صحة هذا الكلام أقدم هذه النصيحة لكل من يتعامل مع ابن الجزري في النشر، وهذه النصيحة هي :
ضع أمام عينيك عبارة ابن الجزري في حق كتاب التجريد، وهي :
" وكتابه التجريد من أشكل كتب القراءات حلاً ومعرفة، ولكني أوضحته في كتابي"التقييد في الخلف بين الشاطبية والتجريد" ومن وقف عليه أحاط بالكتاب علماً بيّناً " اهـ ( غاية النهاية : ترجمة ابن الفحام ) .
فإمامٌ من كبار أئمة القراءات، وهو ابن الجزري، يقول هذا الكلام عن كتاب من كتب القراءات؛ لَدليلٌ واضح على " صعوبة " منهجية هذا الكتاب؛ مما جعل الإمام يؤلف فيه كتاباً خاصاً، وإني أسأل الله تعالى أن يتحفني في هذه الدنيا بالحصول على كتاب " التقييد " المذكور؛ وإن كنتُ أتوقع أن يكون ابن الجزري قد بثّه أو بعضه في كتابه النشر، والله أعلم .
عود إلى المسألة :
قلت : إن التجريد فيه الذي عزاه ابن الجزري له، خلافاً للدكتور أيمن، الذي لم يجده، والدليل على هذا :
أن الإمام ابن الفحام رحمه الله في كتابه " التجريد " لم يذكر الإدغام لأبي عمرو البصري من روايتَي الدوري والسوسيّ، وهذا موجود في التجريد، وصرّح به ابن الجزري في قوله :
" ومنهم من لم يذكره – الإدغام الكبير - عن السوسيّ ولا الدوريّ، بل ذكره عن غيرهما من أصحاب اليزيدي، وشجاع عن أبي عمرو، كصاحب «التجريد»" اهـ
وقال ابن الفحام ، بعد أن ذكر أسانيده للدوري، والسوسي مع تصريحه للسوسي بأنه بالإظهار والهمز، قال :
" فصلٌ :إسناد رواية الإدغام " اهـ ( التجريد : 109)
فذكر رواية أبي حمدون عن اليزيدي، ومدين عن المعدّل عن أبي أيوب عن اليزيدي، وإبراهيم بن محمد وأخيه أحمد، عن اليزيدي"
ثم قال في باب الإدغام ، وهو الدليل عند ابن الجزري:
" والكاف تُدغم في مثلها، سواء تحرك ما قبلها أو سكن نحو " نسبحك كثيراً " و " إليك كما " اهـ ( التجريد : 146-147 )
فهذا النص واضح وصريح أن مدين روى الإدغام عن اليزيدي عن أبي عمرو في ( لا يحزنك كفره )، فإنه أعطى القاعدة ولم يستثن منها شيئاً، ولو كانت عنده بالإظهار لذكر استثناءها ؛ كما فعل شيخه الإمام الفارسي رحمه الله، حيث قال: " الكاف : ويدغمها في مثلها نحو ( كذلك كنتم – نسبحك كثيراً ) وما أشبه ذلك؛ إلا قوله ( فلا يحزنك كفره )" اهـ ( الجامع: 1/147 تحقيق الدكتور خالد أبو الجود ) .
وكذلك استثناها الإمام المعدّل رحمه الله؛ حيث قال: " ثم الكاف: كان يدغمها في مثلها تحرك ما قبلها أو سكن نحو ( نسبحك كثيراً -.... إليك كما أوحينا)، وأظهر ( فلا يحزنك كفره ) " اهـ ( الروضة : 1/ 431 تحقيق الدكتور خالد أبو الجود) . ونلاحظ المثالين عند ابن الفحام والمعدّل " نسبحك " و " إليك كما " .
فاتضح من صنيع ابن الفحام أن " فلا يحزنك كفره" هي بالإدغام قولاً واحداً عن مدين، كما فهم ابن الجزري – وهو فهم صحيح موافق لكل كتب القراءات التي روت طريق مدين عن أبي عمرو . والله أعلم .
والله من وراء القصد
السالم الجكني
المدينة المنورة





